عداء تاريخي يثقل كاهل الأتراك والأرمن ويحكم قبضته على المستقبل

أغدير (تركيا) - رويترز

على مسافة بعيدة أسفل قمة جبل أرارات المغطاة بالثلوج يثقل التاريخ، كاهل الاتراك والأرمن الذين يسعون الى التغلب على العداء الذي خلفته المزاعم بارتكاب إبادة جماعية والنزاعات الاقليمية.

وغذت مبادرة دبلوماسية في الآونة الأخيرة لتحسين العلاقات بين العدوتين اللدودتين الآمال في تحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية، كما أثارت أيضاً مشاعر من عدم الثقة والمخاوف ترجع إلى قرن مضى بين السكان المحليين الذين يراقبون التطورات من على الحدود التي تنتشر عليها قوات عسكرية.

ويتجلى انعدام الثقة الذي يشعر به كثيرون في إقليم أغدير التركي في نصب قرب أرارات يتألف من 5 سيوف يبلغ طول الواحد منها 40 متراً موجهة نحو السماء وهو يخلد ذكرى أتراك قتلوا على أيدي الارمن اثناء وبعد الحرب العالمية الاولى.


هذا النصب التذكاري ردّ على المزاعم الارمنية التي يؤيدها كثير من الدول والاكاديميين بأن قوات الاتراك العثمانيين قتلت 5ر1 مليون أرمني في حملة للابادة الجماعية عام 1915 يتم تخليد ذكراها على الجانب الآخر من الحدود في أرمينيا في 24 أبريل/نيسان.

ويقول جوكسيل جولبيي رئيس رابطة أنشئت لتفنيد المزاعم الأرمينية بارتكاب ابادة جماعية "في اغدير لايزال هناك شهود أحياء يخبرون أحفادهم عن جرائم القتل التي ارتكبها الارمن هنا".

وترفض تركيا بشدة الاتهام بالإبادة الجماعية قائلة إن كثيرين قتلوا من الجانبين اثناء الصراع.

وأضاف جولبيي "هناك أشخاص مازالوا يشعرون بالاستياء يجب ألا يعاد فتح الحدود الى أن يطمئنوا".

عند بوابة أليكان الحدودية على بعد 15 كيلومتراً يرفض الجنود مرور الصحفيين، بينما يحفر مزارعون في الارض المحيطة.

ودشنت جماعة جولبيي حملة لمنع إعادة فتح الحدود التي أغلقتها تركيا عام 1993 دعماً لأذربيجان حليفتها التقليدية المسلمة التي كانت تقاتل انفصاليين مدعومين من ارمينيا في منطقة ناغورنو كاراباخ الجبلية المنشقة.

وصرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هذا الشهر بأنه لابد من إنهاء جمود الموقف بشأن ناجورنو كاراباخ، حيث لاتزال هدنة هشة صامدة بينما لم يتم توقيع اتفاق للسلام قط قبل ابرام اي اتفاق بين تركيا وأرمينيا.

وهناك مخاوف ايضاً في اغدير التي يوجد بها عدد كبير من السكان الاذريين من أن ارمينيا تطمع في أراض تركية، ويعد جبل أرارات الذي يوفر خلفية للعاصمة يريفان رمزاً وطنياً لأرمينيا التي تضع صورته على عملتها.

ومن الممكن أن تساعد انفراجة بين تركيا وأرمينيا على تعزيز الاستقرار في منطقة القوقاز التي تتقاطع فيها خطوط أنابيب النفط والغاز ما يجعل لها أهمية استراتيجية لروسيا وأوروبا والولايات المتحدة.

ويساور دبلوماسيين غربيين القلق من إحجام اذربيجان عن بيع غازها في المستقبل من خلال تركيا الى أوروبا وإرساله إلى روسيا لإعادة تصديره، انتقاماً لإعادة فتح الحدود.

ورغم المخاوف ولدت الاتصالات المترددة عبر الحدود تفاؤلاً هشاً بين الكثيرين في شرق تركيا، حيث يكسب معظم المواطنين قوتهم من الزراعة، ويبلغ معدل دخل الفرد نحو 10 مستوياته في غرب تركيا الثري.

وقال علي جوفينسوي رئيس الغرفة التجارية لاقليم كارس "نريد السلام، ذهبت الى ارمينيا واستقبلت استقبالاً جيداً جداً، نظهر لهم حسن الضيافة حين يأتون الى هنا، أعتقد أنه اذا فتحت الحدود سيكون هذا جيداً لاقتصادنا وتجارتنا".

وهناك من يشاركه هذا التفاؤل في أرمينيا تلك الدولة التي لا تطل على بحار ومن شأن اعادة فتح الحدود اعطاء دفعة ضخمة للاقتصاد الذي خسر بالفعل صفقات مربحة لعبور الطاقة والتجارة مع شرق تركيا.

وقال رئيس ارمينيا سيرج سركسيان انه يتوقع إعادة فتح الحدود حين يحضر مباراة لكرة القدم تقام بين الدولتين في أكتوبر/تشرين الاول.

وفي العام الماضي أصبح الرئيس عبدالله غول أول زعيم تركي يزور أرمينيا حين حضر مباراة الذهاب ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم بين الدولتين.

الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي قام بزيارة لتركيا حليف الولايات المتحدة في حلف شمال الاطلسي هذا الشهر حث انقرة على تطبيع العلاقات مع ارمينيا وقال الاتحاد الاوروبي إن هذه العلاقات سوف تفيد تركيا في مسعاها للانضمام لعضوية الاتحاد.

وأوضح اوباما الذي وصف حوادث القتل حين كان مرشحاً للرئاسة بالابادة الجماعية خلال زيارته انه متمسك بوجهة نظره، لكنه قال انه لا يريد أن يعرقل المقاربة التركية الارمينية.


لمتابعة وثائقي عن "إبادة الأرمن" اضغط هنا